-->
U3F1ZWV6ZTExODk5MTcwMDIxX0FjdGl2YXRpb24xMzQ4MDExODE2NzQ=
recent
أخبار ساخنة

عقد الإيجار في القانون الجزائري



عقد الإيجار :
1-    أركان عقد الإيجار .
2-    آثار عقد الإيجار .
تمهيد : نتناول فيه تعريف عقد الإيجار ، وخصائص عقد الإيجار .
1.     تعريف عقد الإيجار :
أوردت المادة 467 من القانون المدني –تعديل 13/05/2007 – تعريف عقد الإيجار على الوجه الآتي :
(( الإيجار عقد يمكن المؤجر بمقتضاه المستأجر من الانتفاع بشيء لمدة محددة مقابل بدل إيجار معلوم ،
يجوز ـن يحدد بدل الإيجار نقدا أو بتقديم أي عمل آخر )) .
كما نصت المادة 467 مكرر على أنه : (( ينعقد الإيجار كتابة ويكون له تاريخ ثابت وإلا كان باطلا )) .

2.     خصائص عقد الإيجار :
من خلال المواد السابقة نجد أن لعقد الإيجار خصائص نجملها فيما يلي :
 أ- عقد الإيجار عقد شكلي .
ب- عقد الإيجار عقد زمني باعتبار أن المدة عنصر جوهري في العقد .
ج-  الإيجار عقد معاوضة .
·        أركان عقد الإيجار :
أركان العقد في نظريته العامة هي : التراضي والمحل والسبب ، والسبب في عقد الإيجار لا جديد يقال فيه ويكفي الرجوع إلى النظرية العامة في السبب ، يبقى التراضي والمحل ، والمحل في عقد الإيجار مزدوج فهو بالنسبة إلى التزامات المؤجر يكون في منفعة الشيء المؤجّر ، والمنفعة تقاس بالمدة . والمحل بالنسبة إلى التزامات المستأجر يكون في الأجرة ، وأضاف القانون الجديد 07-05 ركنا آخر يتمثل في الشكلية أي ضرورة إفراغ عقد الإيجار في شكل مكتوب .
1-    التراضي :
أ‌-       تطابق الإيجاب  والقبول .
ب‌-  الأهلية .

أ-تطابق الإيجاب والقبول : 
يجب لانعقاد الإيجار أن يتطابق الإيجاب والقبول على عناصر الإيجار ، فيتم التراضي على ماهية العقد والشيء المؤجر ومدة الإيجار والأجرة.
والإيجار أصبح بموجب تعديل 13/05/2007 من العقود الشكلية –المادة 467 مكرر- يشترط لانعقاده شكل خاص وهو الكتابة بشرط أن يكون لها تاريخ ثابت وإلا كان عقد الإيجار باطل .
وقد يقع التراضي لا على عقد إيجار بات بل على وعد بالإيجار ، كما قد يقع التراضي على إيجار مقترن بأجل واقف أو معلق على شرط أو إيجار مقترن بوعد بالبيع أو مقترن بعربون .
  
 ب-الأهلية :
1-أهلية التأجير : عقد الإيجار يحقق للمستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة دون أن تخرج هذه العين من ذمة صاحبها إذا يظل مالكا لها ، لذا فالأهلية المطلوبة في المؤجر هي أهلية الإدارة إذ يستخلص من المادة 468 ق.م.ج أن أعمال الإدارة الحسنة هي الأعمال التي لا تتجاوز مدتها ثلاثة سنوات ، فيجوز للقاصر القيام بها أما الإيجارات التي تزيد من هذه المدة فتعتبر من أعمال الإدارة الدائرة بين النفع والضرر وتكون قابلة للإبطال إذا قام بها القاصر ، وكذلك للولي والوصي تأجير العين لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وفقا للمادة 468 ق.م.ج ، كما تنص المادة 88 قانون الأسرة على أن : (( على الولي أن يتصرف في أموال القاصر تصرف الرجل الحريص ويكون مسؤولا طبقا لمقتضيات القانون العام وعليه أن يستأذن القاضي في التصرفات التالية :
1-    ..... ....... ...... ،
2-    ..... ....... ...... ،
3-    ..... ....... ....... ،
4-    إيجار عقار القاصر لمدة تزيد عن ثلاث سنوات أو تمتد لأكثر من سنة بعد بلوغه سن الرشد )) .
مع الملاحظة أن المادة 83 من ذات القانون لا تخول للقاصر بذلك بل لابد من إجازة الولي فإذا صدرت الإجازة من الولي نفذ التصرف وكان ذلك بمثابة إذن للقيام به .
2-أهلية الاستئجار :  
سؤال : ما حكم عقد الإيجار الذي يبرمه مستأجر قاصر ، فهل هو قابل للإبطال لمصلحته أم هو صحيح ؟
يذهب الرأي الغالب في الفقه إلى ضرورة البحث عن مصدر الأجرة المدفوع في الإيجار لتحديد ما إذا كان من أعمال الإدارة أم من أعمال التصرف ، فإذا كانت الأجرة المدفوعة اقتطاعا من أصل رأس المال فهو من أعمال التصرف ويكون قابلا للإبطال لمصلحة المستأجر القاصر ، أما إذا كانت الأجرة المدفوعة اقتطاعا من ثمار العين المؤجرة فالإيجار يعدّ عملا من أعمال الإدارة ويكون صحيحا إذا أبرم لمدة ثلاثة سنوات المنصوص عليها في المادة 468 ق.م.ج .
عيوب الإرادة :
الإيجار عقد كسائر العقود يجب أن يكون فيه كل من المؤجر والمستأجر أهلا للتأجير والاستئجار ويجب أن تكون إرادتهما خالية من العيوب ولمن شاب رضاه عيب من عيوب الإرادة طلب إبطال العقد . -ارجع لنظرية الالتزام - .
2-    المحل :
محل عقد الإيجار هو الشيء المؤجر والأجرة .
أ-الشيء المؤجر :  
يشترط في الشيء المؤجر أن يكون موجودا وقت العقد أو قابلا للوجود في المستقبل وأن يكون معينا أو قابلا للتعيين وأن يكون مشروعا ومملوكا للمؤجر وهذا تطبيقا للقواعد العامة ( المواد من 92 إلى 96 ق.م.ج ) .
وتنص المادة 1/2 من نموذج عقد الإيجار على ضرورة معاينة حالة الأمكنة حضوريا ، فيشترط في الشيء الشروط الواجب توفرها في محل الالتزام لذا لا نطيل الكلام فيها .
أما أحكام هلاك العين المؤجرة فإنها تخضع لنفس أحكام هلاك العين في عقد البيع.
§        وفيما يلي نركز على بحث مسألة الإيجار الصادر عن مالك زالت ملكيته بأثر رجعي للعين المؤجرة وحكم الإيجار الصادر من مشتري أو بائع العقار قبل شهر البيع وإيجار الدائن المرتهن رهنا حيازيا وحكم إيجار ملك الغير وكذا حكم إيجار المنتفع .
  
 1-الإيجار الصادر من مالك زالت ملكيته بأثر رجعي للعين المؤجرة :
قد يكون المؤجر مالكا للعين المؤجرة وقت إبرام الإيجار ولكن بعد ذلك تزول ملكيته للعين فالمفروض في هذه الحالة أن تزول بأثر رجعي كافة التصرفات الصادرة منه والمتعلق بالعين إعمالا للأثر الرجعي للفسخ والبطلان ، ولكن من المتفق عليه أن أعمال الإدارة الصادرة من مالك زالت ملكيته بأثر رجعي تظل نافذة وهذا ما نصت عليه المادة 207/2 ق.م.ج .
2-الإيجار الصادر من مشتري أو بائع العقار قبل الشهر:
حسب المادة 793 ق.م.ج فإن المشتري لا يكون مالكا إلا بعد الشهر أما قبل الشهر فتكون له مجرد حقوق شخصية ويظل البائع مالكا للعين ، وإذا قام بأي عمل متعلق بالعين يعتبر أنه تصرف في ملكه ، ويمكن لدائني البائع الحجز على العقار ولا يستطيع المشتري رفع دعوى استحقاق لأنه غير مالك .
 فالمشتري بعقد غير مشهر يستطيع مطالبة البائع بالتسليم ويستطيع إذا أبرم عقد إيجار أن يسلم العين المؤجرة إلى المستأجر كما يستطيع المستأجر عن طريق دعوى غير مباشرة مطالبة البائع بالتسليم ، ولكن إذا كان البائع قد أجر العين لمستأجر آخر وتسلّمها هذا الأخير فإن المشتري لا يستطيع المطالبة بتسليم العين ولا يكون له إذا لم يرد الإبقاء على الإيجار سوى المطالبة بالفسخ مع التعويض لأن الإيجار الصادر من البائع إيجارا صحيحا صادر من المالك ولأن كل من المستأجر والمشتري دائن بحق شخصي ، فالأولوية بينهما تكون على أساس الأسبقية في التسليم ، ولكن إذا كان المستأجر من المشتري قد تسلّم العين فلا يستطيع البائع رفع دعوى بطلان أو المطالبة باسترداد العين لأنه بمجرد البيع يكون البائع ملزما بعدم تعرضه الشخصي وضامن لتعرض الغير اللاحق للبيع بفعله تطبيقا للمادة 371 ق.م.ج .
3-إيجار الدائن المرتهن رهنا حيازيا :
تنتقل إلى الدائن المرتهن رهنا حيازيا حيازة العين المرهونة وله الحق في إدارتها بنص المادة 958 /1 ق.م.ج والمادة 967 تجيز له تأجير العقار إلى الراهن وقد ثار خلاف حول مدة إيجار الدائن المرتهن رهنا حيازيا فهل حقه في تأجير العقار مقيد بثلاث سنوات باعتباره من أعمال الإدارة أم له الحق في تأجيره إلى حين انتهاء   الرهن ؟ .
الراجح فقها أن إيجار الدائن المرتهن رهنا حيازيا من أعمال الإدارة التي لا يجوز أن تفوق مدتها ثلاث سنوات ويمكن أن يجدد الإيجار إذا كان الرهن لم ينقضي بعد .
4-تأجير المال الشائع :
إذا كان المالك الشائع غير مفرز فمن يحق له تأجيره وما حكم هذا الإيجار ؟  .
تنص المادة 715 ق.م.ج على ما يلي : (( تكون إدارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعين ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك )) .
أما الشريك الذي يؤجر المال ولم يعترض عليه باقي الشركاء فهو يعتبر موكّل وكالة ضمنية عنهم ويكون نافذا في حدود ثلاث سنوات لأن النائب لا يجوز له أن يعقد إيجار لمدة تجاوز ثلاث سنوات المادة 573/2 ق.م.ج .
لا يحق للشريك بمفرد أن يؤجر جزء من المال الشائع لأن كل شريك يملك المال الشائع و لكنه لا يملكه بصفة منفردة ، وإن حصل فهو إيجار لملك الغير صحيح فيما بين المتعاقدين ولكنه غير نافذ في مواجهة الغير .
5-إيجار ملك الغير :  
إذا كانت العين المملوكة لغير المؤجر يكون عقد الإيجار صحيحا متى تمكن المؤجر من جعل المستأجر ينتفع بالعين فهو بذلك يكون قد نفذ التزامه الرئيسي وإن لم يستطع المستأجر تسليم العين المؤجرة فبإمكانه رفع دعوى على أساس إخلال المؤجر بالتزامه بالتسليم .
أما بخصوص بين المستأجر والمالك فعقد الإيجار يعتبر غير نافذ في حق المالك ما لم يقره .
واعتبار عقد الإيجار غير نافذ في حق المالك يعني انه يستطيع المالك تأجير نفس العقار لمستأجر أخر ، وتكون الأولوية للمستأجر من المالك على المستأجر من غير المالك حتى وان كان هذا الأخير قد تسلم العين ولا تطبق المادة 485 ق.م.ج لأنها خاصة بالأولوية بمستأجرين لنفس العين من ذي صفة .
6-الإيجار الصادر من المنتفع :
إذا كان حق الانتفاع محدد المدة فالإيجار ينتهي بانتهاء المدة المقررة لحق الانتفاع أما إذا كانت مدة حق الانتفاع غير محددة فانه عملا بالمادة 852 ق.م.ج فإنه ينتهي بوفاة المنتفع إلا إذا اقره المالك  م 496 ق.م.ج .
ب- الأجرة :  
الأجرة هي العوض الذي يلتزم المستأجر بأدائه لقاء الانتفاع بالعين المؤجرة ويجب الاتفاق على تحديد الأجرة لأنها ركن في العقد فإذا لم يتراضى المتعاقدان على تحديد الأجرة كان العقد باطلا المادة 467 ق.م.ج المعدّلة بالقانون 07-05 .
والأصل أن يتفق المتعاقدان على تحديد الأجرة أي لا بد أن تكون الأجرة مقدرة والغالب أن تكون نقدا لكن يمكن أن تكون تقديم أي عمل آخر يقدمه المستأجر لكن لابد من تحديده ويجب أن يكون العمل ممكنا وغير مستحيلا استحالة مطلقة .
-وفي حالة عدم تحديد الأجرة تجدر الإشارة إلى أنه قبل تعديل 07-05 كان من الممكن تحديدها بعد انعقاد عقد الإيجار بأحكام محددة في المواد من 471 إلى غاية 475 التي ألغيت بموجب القانون أعلاه مما يعني أن المشرع قد أراد أن تكون الأجرة محددة سلفا عند إبرام عقد الإيجار وهذا ما جعله عند تعريف عقد الإيجار في المادة 467 المعدلة يعرف العقد بأركانه ومنها الأجرة وكانت المادة قبل التعديل على النحو التالي : (( ينعقد الإيجار بمقتضى عقد بين المؤجر والمستأجر ... )) وما يسري على عدم تحديد للأجرة كذلك ينطبق على مراجعة سعر الإيجار الذي ألغيت أحكامه أيضا وذلك لأن عقد الإيجار أصبح بموجب التعديل الجديد في المادة 469 مكرر 1
ينتهي بانتهاء المدة المتفق عليها دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء مما يعني أنه في حالة تجديد الإيجار لابد من انعقاد عقد إيجار جديد بأجرة جديدة ومدة جديدة وكتابة جديدة ، هذا كله دون الإخلال بأحكام المادة 507 مكرر ق.م.ج .
ج- المدة :
تعتبر المدة عنصر من العناصر الأساسية في عقد الإيجار إذ الأجرة تحدد وفقا لمدة المنفعة ، وتجدر الإشارة إلى أنه قبل تعديل 07-05 المشرع لم يشترط صراحة تراضي الطرفان عليها ولكن بعد التعديل تناولها المشرع بالذكر في المادة 467 ضمن أركان عقد الإيجار مما يعني أنه بتخلفها يكون العقد باطلا بطلانا مطلقا مع مراعاة أحكام المادة 507 مكرر .

 ·        الحق في البقاء :
1-قبل صدور القانون 07-05 أي في ظل القانون المدني القديم :
إن القانون المدني قرر الحق في البقاء لشاغل المكان وذلك بعد انتهاء مدة الإيجار إذا كان الإيجار محدد المدة أو بعد انتهاء مواعيد الإنذار بالإخلاء التي حددها القانون بالنسبة للإيجارات غير محددة المدة .
والحق في البقاء هو امتداد لعقد إيجار سابق وصحيح بنفس شروطه ، قرره القانون لأشخاص معينين ، وقد راعى في ذلك الوضع الاجتماعي لهؤلاء حتى لا يحكم عليهم بالإخلاء دون أن يكون لهم مسكن يأويهم ولهذا فلا حق في البقاء إلا إذا وجدت حاجة ماسة للسكن فلا يمكن أن يستفيد من حق البقاء أشخاص لهم مسكن آخر المادة 517/3 ق.م.ج  أو أشخاص لهم سكن آخر يمكنهم استرجاعه وهذا ما أكدته المادة 517/8 ق.م.ج .
فالحق في البقاء تقرر بنصوص قانونية فرضها النظام العام الاجتماعي حماية للمستأجر ولم يجز التنازل المسبق عليه ، فكل شرط مسبق يسعى إلى اشتراط التنازل عنه لا يعتدّ به وفي هذا الصدد تنص المادة 523 ق.م.ج على مايلي : (( لا يمكن التنازل عن الحق في البقاء بالأمكنة إلا بعد انقضاء مدة الإيجار)) .
ملاحظة : راجع مواد الحق في البقاء في القانون المدني القديم .
2-بعد صدور المرسوم التشريعي 93-03 :
ألغى المرسوم التشريعي 93-03 أحكام البقاء على الإيجارات السارية بعد صدور المرسوم وبذلك لم يعد للمستأجر التمسك بحق البقاء ، [ راجع المرسوم التشريعي 93-03 ] .
3-بعد صدور القانون 07-05 :
تنص المادة 507 مكرر على ما يلي : (( تبقى الإيجارات المبرمة في ظل التشريع السابق خاضعة له مدة عشر  (10) سنوات ابتداء من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ،
غير أن الأشخاص الطبيعيين البالغين ستين سنة كاملة عند نشر هذا القانون والذين لهم الحق في البقاء في الأمكنة المعدّة للسكن وفقا للتشريع السابق ، يبقون يتمتعون بهذا الحق إلى حين وفاتهم ،
لا يستفيد من هذا الحق الورثة ولا الأشخاص الذين يعيشون معهم )) .
-تمّ شرح المادة بالمحاضرة .
ü     الكتابة :
إن الحديث عن الكتابة في عقد الإيجار يستدعي التمييز بين مرحلتين : مرحلة سابقة على صدور القانون 07-05 ، ومرحلة لاحقة على القانون 07-05 .
1-    قبل صدور القانون 07-05 :
لم يشترط المشرع في القانون المدني شكلا معينا لعقد الإيجار ، فالإيجار يعقد برضا الطرفين ، أما المادة 21/1 من المرسوم 93-03 نصت على أنه : (( تجسّد العلاقات الايجارية بين المؤجر والمستأجر وجوبا في عقد الإيجار طبقا للنموذج الذي يحدد عن طريق التنظيم ويحرر كتابيا بتاريخ مسمى )) .
إذن فالمشرع لم يشترط أن تكون الكتابة رسمية فيمكن أن تكون عرفية كما أنه لم ينص المشرع على بطلان عقد الإيجار في حالة تخلف الكتابة المطلوبة ، إذ تنص المادة 21/2-3 من المرسوم 93-03 على ما يلي : (( يعاقب المؤجر إذا خالف هذا الواجب طبقا للأحكام التشريعية المعمول بها ومن جهة أخرى ودون المساس بالعقوبات التي يتعرض لها المؤجر بسبب انعدام العقد ، فإن أي وصل يحوزه شاغل الأمكنة يخوله الحق في عقد إيجار لمدة سنة ابتداء من تاريخ معاينة المخالفة )) .
2-    بعد صدور القانون 07-05 :
بصدور القانون رقم 07-05 نجد أن المشرع كان أكثر وضوحا بالنسبة لانعقاد الإيجار شفاهة أو كتابة حيث بالرجوع إلى المادة 467 مكرر نجدها تنص : (( ينعقد الإيجار كتابة ويكون له تاريخ ثابت وإلا كان باطلا )) .
نخلص إلى أن المشرع اشترط الكتابة ولم يحدد نوعها فقد تكون عرفية أو رسمية لكن اشترط أن يكون لها تاريخ ثابت في حالة ما إذا كانت ورقة عرفية ( التصديق عليها في البلدية ) [ راجع المادة 328 ق.م.ج ] .
وقد رتب البطلان كجزاء في حالة تخلف هذا الشرط .
ملاحظة : المادة 507 مكرر ق.م.ج : (( تبقى الإيجارات المبرمة في ظل التشريع السابق خاضعة له مدة عشر  (10) سنوات ابتداءا من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ،... )) .

·        آثار عقد الإيجار :
نتعرض أولا لالتزامات المؤجر ثم لالتزامات المستأجر .
1-التزامات المؤجر :
يرتب عقد الإيجار على عاتق المؤجر جملة من الالتزامات وهي :
1-    التزامه بتسليم العين المؤجرة .
2-    التزامه بضمان التعرض والاستحقاق .
3-    ضمان العيوب الخفية .
4-    الالتزام بصيانة العين .
1-التزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة :
التسليم هو وضع العين تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها دون عائق وتنص المادة 478 ق.م.ج على أنه يسري على الالتزام بتسليم العين المؤجرة ما يسري على الالتزام بتسليم العين المبيعة ، وهذا يعني أن المؤجر ينفذ التزامه هذا إذا وضع العين المؤجرة تحت تصرف المستأجر وأخطره بذلك ولو لم يتسلمها المستأجر تسلما ماديا مادام المؤجر مكّنه من التسلّم .
وقد يكون التسليم رمزيا وذلك بأن يسلّم المؤجر للمستأجر مفاتيح العين ، وقد يكون حكميا إذا كان المستأجر هو المالك السابق للعين وتصرف فيها وبقيت في حيازته ، لكن صفته تغيرت من مالك إلى مستأجر أو تكون العين في حيازة المستأجر على سبيل الإعارة ثم يبرم عقد إيجار فتغيرت صفته من مستعير إلى مستأجر .
-ما يشمله التسليم : يشمل التسليم الالتزام بتسليم العين وفقا للاتفاق أي بالمقدار المتفق عليه ويشمل أيضا تسليم ملحقات العين إذ تنص المادة 476 على ذلك لكنها عدّلت وحذفت ملحقات العين ولم تعد مما يشمله التسليم كالتزام في ذمة المؤجّر .
أ-المقدار :
يجب أن يتم التسليم بالمقدار المتفق عليه ، فإذا اتفق المتعاقدان على مقدار معين وجب على المؤجّر تسليم العين بذلك المقدار ، كمساحة معينة للأرض ، عدد الغرف بالنسبة للسكنات .
فإذا سلّمت العين المؤجّرة في حالة لا تكون فيها صالحة للاستعمال الذي أجّرت من أجله أو طرأ على هذا الاستعمال نقص معتبر، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ عقد الإيجار أو إنقاص بدل الإيجار بقدر ما نقص من الاستعمال مع التعويض عن الضرر في الحالتين إذا اقتضى الأمر ذلك .
ب-تسليم العين المؤجّرة بحالة صالحة للانتفاع :
لابد أن تسلّم العين المؤجّرة في حالة تصلح للانتفاع بها فإذا كان مسكنا وجب أن يحتوي على الأبواب والنوافذ ، الكهرباء ، الماء ... الخ .
فيجب على المؤجّر أن يقوم بترميم العين قبل تسليمها إذا كانت تحتاج إلى ترميم إذ كل الالتزامات الخاصة بالترميمات تقع على عاتق المؤجر قبل التسليم م 479 ق.م.ج بقولها : ((على المؤجر أن يتعهد بصيانة العين المؤجرة لتبقى على الحالة التي كانت عليها وقت التسليم ويجب عليه أن يقوم بجميع الترميمات الضرورية دون الترميمات الخاصة بالمستأجر.
وعليه أن يجري الأعمال اللازمة للأسطح من تجصيص أو تبييض وأن يقوم بتنظيف الآبار والمراحيض وتصريف المياه ، ... )) .
وقد حدد المادة 476/2 ق.م.ج على أنه : (( تتم معاينة الأماكن وجاهيا بموجب محضر أو بيان وصفي يلحق
بعقد الإيجار.
غير أنه إذا تم تسليم العين المؤجرة دون محضر أو بيان وصفي، يفترض في المستأجر أنه تسلمها في حالة حسنة ما لم يثبت العكس )) .
ج-الالتزام بتسليم العين غير قابل للانقسام :
إذا كان عدد المؤجّرين متعددين أو مات المؤجّر عن عدّة ورثة ، فللمستأجر أن يطالب أي واحد منهم بتسليم العين بأكملها لا بالاقتصار على تسليم حصته منها ، ولهذا أن يرجع على الباقين ، أما حق المستأجر في طلب تعويض فينقسم ، ولا يستطيع المستأجر الرجوع على أيّ من المؤجرين إلا بمقدار حصّته ، ولكنه يرجع على كل مؤجّر بحصته في التعويض ولو كان هذا المؤجّر مستعدا أن يقوم بتسليم حصّته من العين ، لما تقدم من أن الالتزام بالتسليم لا يقبل الانقسام ولمن كان مستعدا أن يقوم بحصته في التسليم أن يرجع على من كان مقصّرا في ذلك .
2- التزام المؤّجر بضمان التعرض والاستحقاق :
المؤجّر ملزم بضمان عدم التعرض للمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة وهذا الضمان يشمل عدم التعرّض الشخصي وضمان عدم تعرّض الغير .
              I.            التعرض الشخصي :
أولا: ضمان عدم التعرّض الشخصي :
يشمل هذا الالتزام عدم التعرض للمستأجر سواء كان التعرض تعرّضا ماديا أو تعرّضا قانونيا .
فعدم التعرض القانوني يتضمن عدم استطاعة المؤجّر ادّعاء حق يتعارض مع حق المستأجر في الانتفاع ، فإذا أجّر ملك غيره وصار مالكا للعين فيما بعد فلا يمكنه مطالبة المستأجر بإخلاء العين ، كما لا يمكنه التصرّف في العين بما يتعارض مع حق المستأجر كتأجيره العين لشخص آخر لنفس المدّة أو لمدة متداخلة مع مدة سريان عقد المستأجر .
كما يمنع عليه ( المؤجّر ) أن يتعرض ماديا للمستأجر في الانتفاع بالعين كدخوله العين المؤجّرة بدون إذن المستأجر مثلا ، كما لا يقوم للمؤجر أن يقوم بأي فعل من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ، ولا يجوز له أن يحدث بها أو بملحقاتها أي تغيير ينقص من هذا الانتفاع .
غير أنه يستطيع المؤجر القيام بالأعمال الضرورية التي تفرضها صيانة العين المؤجّرة .
ثانيا : شروط التعرض :
يجب أن يكون التعرض فعليا وأن يعرقل الانتفاع بالعين وأن يكون غير مشروع وأن يكون أثناء مدة الإيجار .
أ-يجب أن يكون التعرض فعليا :
لا يمكن للمستأجر رفع دعوى ضمان التعرض لمجرد التهديد بالتعرض أو احتمال وقوع التعرض له في الانتفاع بالعين بل يجب أن يتحقق الإخلال بالانتفاع بالعين المؤجرة فعلا كأن يقوم المؤجر بهدم جزء من العين أو دخولها دون إذن المستأجر أو سد قنوات توصيل المياه .
ب- يجب أن يعرقل التعرض الانتفاع بالعين :
إذا كانت الأعمال المادية التي قام بها المؤجر لا تؤثر في الانتفاع بالعين المؤجّرة و تنقص منها وقد تكون للمستأجر مصلحة في ذلك مثل وضع شبابيك من الحديد على النوافذ أثناء مدة الإيجار فمثل هذه الأعمال لا تعتبر تعرضا إذا لم يتطلب انجازها مدة طويلة وليس للمستأجر والاعتراض عليها لأنها لا تشكل تعرضا .
ج-أن يكون التعرض غير مشروعا :
إذا ألزم المؤجّر بالقيام بالترميمات الضرورية في العين المؤجرة أثناء مدة الإيجار فهذا لا يعدّ تعرّضا .
كما لا يعدّ تعرضا كذلك قيام المؤجر برفع دعوى فسخ الإيجار لعدم تنفيذ المستأجر لالتزامه العقدي لأن الحق في طلب الفسخ مقرر له قانونا .

د-يجب أن يقع التعرض أثناء مدة الإيجار :
لا يقع على عاتق المؤجر الالتزام بعدم التعرض إلا أثناء مدة الإيجار أما الأعمال التي يقوم بها قبل تسليم العين للمستأجر وترتب عنها تسليم العين بحالة لا تصلح للانتفاع بها فيعدّ مخلا بالتزامه بالتسليم فالأمر لا يتعلق بالتزامه بالضمان ، فلاعتباره متعرضا يجب أن يقوم بتلك الأعمال أثناء مدة الإيجار لا قبله ولا بعده .
ثالثا : الجزاء المترتب على ثبوت التعرض الشخصي :
يجوز للمستأجر مطالبة المؤجر بالتنفيذ العيني ، كما له في الحالة التي يصل فيها التعرض إلى درجة حرمانه الكلي أو الجزئي من الانتفاع بالعين المطالبة بالفسخ أو إنقاص بدل الإيجار وله كذلك أن يطلب إصلاح العيب يقوم هو بإصلاحه على نفقة المؤجر إذا كان الإصلاح لا يشكل نفقة باهظة على المؤجر ، فإذا لحق المستأجر ضرر من العيب التزام المؤجّر بتعويضه ما لم يثبت أنه كان يجهل وجود العيب .
           II.            التعرض الصادر من الغير :
لا بد من تحديد مفهوم الغير أولا ثم تحديد نوع التعرض الذي يضمنه المؤجر الأمر الذي يستلزم منا التمييز بين التعرض المادي والتعرض القانوني .
1-مفهوم الغير :  الغير هو كل شخص له مصلحة تتعارض مع مصلحة المستأجر ، ولا يعتبر من الغير المؤجّر وخلفه العام وكذلك أتباع المؤجر ولا يشترط أن تكون علاقة التبعية بل يكفي أن يكون المؤجر مسؤولا عن الأعمال التي تصدر ممن له صلة به ، كما يكون المؤجر مسؤولا عن أعمال أتباعه وفي هذه الحالة يشترط أن تصدر هذه الأعمال أثناء تأديتها لحساب المؤجر ، م 483 ق.م.ج .
2-التعرض المادي الصادر من الغير :
لا يضمن المؤجر التعرض المادي الصادر من أجنبي بعد تسليمه العين للمستأجر ، ويكون المستأجر في هذه الحالة رفع دعاوى الحيازة إذ تنص المادة 487 ق.م.ج : (( لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض المادي الصادر من الغير الذي لا يدعي حقا على العين المؤجرة ،  وللمستأجر أن يطالب شخصيا المتعرض بالتعويض عن الضرر الذي لحقه ، و له أن يمارس ضده كل دعاوى الحيازة )) .
فيمكنه رفع دعوى منع التعرض ( المادة 820 ق.م.ج ) وهي الدعوى التي يرفعها الحائز ضد الغير الذي يعارضه في حيازته ، كما له رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة ( المادة 821 ق.م.ج ) وهي تحمي الحائز من خطر متوقع فهي دعوى وقائية تحمي الحائز من خطر محتمل أن يقع لو استمر الخصم في أعماله كما للمستأجر رفع دعوى استرداد الحيازة التي سلبت منه وأساس تقرير هذه الدعوى هو حماية النظام العام إذ ليس لأحد اقتضاء حقه بنفسه .
فإذا كان التعرض المادي يرجع إلى نزاع بين المستأجر والغير فليس للمستأجر والرجوع على المؤجر بالضمان إلا أنه إذا بلغ هذا التعرض إلى حد حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين له طلب فسخ الإيجار أو طلب الإنقاص من الأجرة لكن هذا كان قبل تعديل القانون المدني بالقانون 07-05 حيث تم حذف الفقرة الأخيرة من المادة 487 ولم يعد المؤجر مسؤولا عن التعرض الصادر من الغير ضد المستأجر ولو بلغ حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة .
3-التعرض القانوني الصادر من الغير :
نكون بصدد تعرض قانوني للمستأجر في حالة إدعاء الغير حق على العين المؤجرة يتعارض مع حق المستأجر ، وقد يكون ذلك عن طريق دعوى يرفعها الغير ضدّ المستأجر يطالبه بإخلاء العين المؤجرة أو عمل مادي كأن يستولي على العين مستندا إلى حق يدّعيه ، فإذا وقع للمستأجر هذا التعرض فعلا أثناء مدة الإيجار  يكون المؤجر ضامنا له ويجب على المستأجر إخطار المؤجر بهذا التعرّض حسب نص المادة 484/1 ق.م.ج :(( يتعين على المستأجر ،إخطار المؤجر بالدعوى المرفوعة من الغير الذي يدعي حقا على العين المؤجرة يتعارض مع حق المستأجر ومطالبته بالضمان ... )) .
فإذا استطاع المؤجّر دفع تعرّض الغير فإنه يكون قد نفذ التزامه تنفيذا عينيا ، أما إذا لم يستطع دفع التعرض
فللمستأجر المطالبة بإنقاص الأجرة أو الفسخ مع التعويض وذلك سواء كان الحرمان من الانتفاع بالعين كلي أو جزئي ( م484 ق.م.ج ) .
3-الالتزام بالصيانة :
أ-تحديد مفهوم الالتزام بالصيانة :
إن التزام المؤجر بصيانة العين المؤجرة يعدّ امتداد لالتزامه بتسليم العين صالحة للانتفاع فالإيجار عقد دوري تظل فيه الالتزامات قائمة طيلة مدة الإيجار فيقع على المؤجر الالتزام بالقيام بالترميمات الضرورية لحفظ العين ولتبقى صالحة للانتفاع حسب المادة 479/1-2 ق.م.ج التي تنص : (( يلتزم المؤجر بصيانة العين المؤجرة لتبقى على الحالة التي كانت عليها وقت التسليم ،
ويجب عليه أن يقوم بالترميمات الضرورية أثناء مدة الإيجار، دون الترميمات الخاصة بالمستأجر، ... )) .
المؤجّر يلتزم بالترميمات الضرورية التي تكون على مالك الشيء أصلا إذ يقوم بحفظ ملكه من الهلاك أما الترميمات البسيطة فيتحمّلها المستأجر ( م 479/2 ق.م.ج ) ولم تحدد المادة 479 ما يعتبر من الترميمات البسيطة وقد حددت ما يعتبر منها ضرورية على سبيل المثال ويكون للقاضي تقدير ذلك في حالة الخلاف .
ب-حق المستأجر في تنفيذ أعمال الصيانة الضرورية على نفقة المؤجّر :
يجوز للمستأجر إذا أخلّ المؤجر بالتزامه بالصيانة أن يقوم باعذاره بموجب محرر غير قضائي أو يجوز للمستأجر المطالبة بفسخ العقد أو إنقاص بدل الإيجار دون الإخلال بحقه في التعويض ، وإذا كانت الترميمات مستعجلة جاز للمستأجر أن يقوم بتنفيذها على حساب المعني بها .
ج-جزاء الإخلال بالالتزام بالصيانة :
1-التنفيذ العيني : يمكن إجبار المؤجر بالتنفيذ العيني متى كان ذلك ممكنا وإذا كانت أعمال الصيانة تتطلب أموالا باهظة فيها إرهاق كبير على المؤجر فلا يجبر المؤجر على القيام بها إذ يلاحظ أن التزام المؤجر بأعمال الصيانة يختلط بالتزامه بضمان العيب الخفي إذا كان لاحق للتسليم ( م 489 ق.م.ج ) وبهذا ينطبق هذا النص على التنفيذ العيني في الالتزام بالصيانة وفي ضمان العيب  .
2-إنقاص الأجرة :  إن لم يقم المؤجر بالتزامه بإجراء الترميمات للعين يجوز لمستأجر المطالبة بإنقاص الأجرة بقدر ما نقص من منفعة العين وهذا ما تضمنته المادة 480/1 ق.م.ج بقولها : (( في حالة عدم تنفيذ المؤجر لالتزامه بالصيانة وبعد إعذاره بموجب محرر غير قضائي ، يجوز للمستأجر المطالبة بفسخ العقد أو إنقاص بدل الإيجار، دون الإخلال بحقه في التعويض ، ... )) .
لكن إذا ترتب على هذه الترميمات إنقاص في الانتفاع بالعين المؤجّرة كليّ أو جزئي يجوز له طلب فسخ العقد أو إنقاص بدل الإيجار .
3-الفسخ :  يستطيع المستأجر إذا أخل المؤجر بالتزامه بالصيانة المطالبة بالفسخ طبقا للمادة 780/1 ق.م.ج ، كما يستطيع رغم قيام المؤجر بالتزامه المطالبة بالفسخ أيضا إذا كان القيام بهذه الترميمات فيه إخلال كلي أو جزئي من الانتفاع ( م 482 ق.م.ج ) .
مع الملاحظة أن للقاضي السلطة التقديرية في الحكم بالفسخ إذا رأى أن الإخلال المنسوب إلى المؤجر لا يبرر الفسخ فلا يحكم له وفقا للمادة 119/2 ، وللمستأجر المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي يسببها له الفسخ في حرمانه من الانتفاع بالعين إلى نهاية مدة الإيجار .
4-التعويض :  إذا لم يقم المؤجر بأعمال الصيانة أو تأخّر في القيام بها التزم فضلا عن التنفيذ العيني أو إنقاص أو الفسخ بالتعويض عمّا لحق المستأجر من ضرر من جرّاء عدم القيام بالالتزام أو التأخر فيه ويعوّضه عن ما فاته من الانتفاع بالعين المؤجرة كما يعوضه عن الأضرار التي لحقت بالأثاث الموجود في العين المؤجرة .
لكن يشترط أن يكون الضرر ناشئا عن فعل المؤجر فلا يمكن التعويض عن الضرر إذا كان نقصان المنفعة يرجع إلى سبب أجنبي كما نصت المادة 176 ق.م.ج ، فلا يرجع على المؤجر بالتعويض بل فقط بإنقاص الأجرة (م 182/2 و المادة 489/2 ق.م.ج ) ولا يحكم على المستأجر بالتعويض عن الضرر الذي تسبب فيه أو بإمكانه
تجنبه فجزاء عدم الانتفاع بالعين بسبب الترميمات هو الفسخ أو إنقاص الأجرة ، أما التعويض عن الأضرار الأخرى فلا يعوض المستأجر عنها إلا إذا ثبت خطأ المؤجر ولا بد من استحقاق التعويض تطبيقا للقواعد العامة من اعذار المؤجر كما هو في المادة 176 ق.م.ج ويعفى من الاعذار إذا تحققت الحالات المنصوص عليها في المادة 181 ق.م.ج .
4-التزام المؤجّر بضمان العيوب الخفية :
نص القانون المدني صراحة على ضمان المؤجر للعيب الخفي ، فهو بموجب هذه النصوص مسؤولا عن العيب الخفي متى توافرت شروطه .
ونبحث في ضمان العيوب الخفية مسألتين :
1-    متى يقوم ضمان العيوب الخفية  ؟.
2-    ما يترتب على قيام هذا الضمان ؟ .
1- متى يقوم ضمان العيوب الخفية  :
تنص المادة 488 ق.م.ج على أنه : (( يضمن المؤجر للمستأجر، باستثناء العيوب التي جرى العرف على التسامح فيها كل ما يوجد بالعين المؤجرة من عيوب تحول دون استعمالها أو تنقص من هذا الاستعمال نقصا محسوسا، ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك.
ويكون كذلك مسؤولا عن الصفات التي تعهد بها صراحة.
غير أن المؤجر لا يضمن العيوب التي أعلم بها المستأجر أو كان يعلم بها هذا الأخير وقت التعاقد )) .
نبادر إلى القول إن العيب الخفي في الإيجار لا يشترط فيه أن يكون قديما فالمؤجر يضمن العيب الحادث بعد التسليم و في هذا يختلف الإيجار عن البيع ، وسبب الاختلاف واضح وهو يرجع إلى طبيعة عقد الإيجار فهذا العقد زمني مستمر ، ويبقى المؤجر طوال مدة الإيجار ضامنا للمستأجر الانتفاع الهادئ الكامن بالعين المؤجرة ، فإذا طرأ على العين المؤجرة غيب في أثناء مدة الإيجار ضمنه المؤجر وهذا بخلاف البيع فهو عقد فوري ، ومتى تم وطرأ عيب في العيب المبيعة بعد التسليم والمشتري هو الذي يتحمّل تبعة هذا العيب ولم يضمنه البائع .
شروط ثلاثة يجب توافرها في العيب :  يبقى من الشروط الأربعة الواجب توافرها في العيب في الشيء المبيع ، بعد أن استبعدنا عيب القدم ، شروط ثلاثة يجب توافرها في العيب في الشيء المؤجر حتى يضمنه المؤجر وهذه الشروط هي :
1-    أن يكون العيب مؤثرا .
2-    أن يكون خفيا .
3-    أن يكون غير معلوم للمستأجر .
1-أن يكون العيب مؤثرا :
بالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 488 ق.م.ج نجد أن العي يكون مؤثرا في الإيجار إذا حال دون الانتفاع بالعين المؤجرة أو أنقص من هذا الانتفاع إنقاصا كبيرا .
وبتحديد المنافع المقصورة في العين المؤجرة يستفاد من أمرين :
أ‌-       ما هو مبين في عقد الإيجار .
ب‌-  ما هو ظاهر من طبيعة العين المؤجرة .
فقد يحتاط المستأجر ويبين في عقد الإيجار الأغراض المقصودة من العين المؤجرة فيجب عندئذ أن تعتبر هذه الأغراض جميعا منافع مقصودة من العين ، فإذا كان بالعين عيب خفي يخلّ بأيّة منفعة منها إخلالا محسوسا ، كان للمستأجر الرجوع على المؤجر بضمان العيب الخفي ، وقد يبين المستأجر صفات معينة في العين المؤجرة.
أمثلة :   - أرض صالحة لزراعة محاصيل معينة موز ، عنب ... الخ .
- بيت خال من الرطوبة .
- سيارة لا تستهلك من الوقود أكثر من مقدار معين .
وبالتالي خلو العين من أية صفة تمكن المستأجر من الرجوع بالضمان على المؤجر .
فإذا لم يذكر المتعاقدان شيئا عن المنافع المقصودة من العين المؤجرة وجب لتحديد المنافع الرجوع إلى طبيعة العين ، فإذا كان بالعين عيب يخل بهذه المنافع وجب على المؤجر الضمان .
·        الأساس الواهي للعين المؤجرة .
·        تلوّث السكن بمكروبات مرض معد .
·        الرائحة الكريهة من المنزل ، ذباب ، فئران بكثرة غير مألوفة .
وتنص المادة 488 ق.م.ج أن المؤجر لا يضمن العيوب التي جرى العرف بالتسامح فيها فقد يكون مؤثرا ولكن العرف في التعامل جرى على عدم اعتباره عيبا :
1-    رطوبة المنزل .
2-    الحشائش في الأرض الزراعية .
2-أن يكون العيب خفيا :
ويكون خفيا إذا ثبت أن المستأجر كان لا يستطيع أن يتبيّنه بنفسه لو أنه فحص العين المؤجرة بعناية الرجل العادي ، أو كان يستطيع أن يتبيّنه ولكن المؤجر أكد له خلوّ العين من هذا العيب أو تعمّد إخفاء العيب غشا منه .
ونرى من ذلك أن العيب لا يكون خفيا ، فلا يضمنه المؤجر في الحالتين الآتيتين :
1-    إذا كان ظاهرا وقت العقد فرضي به .
2-    إذا لم يكن ظاهرا ، ولكن المؤجر أثبت أن المستأجر كان يستطيع تبينه لو فحص العين بعناية الرجل العادي .
ويكون العيب خفيا ، فيضمنه المؤجر في الحالتين الآتيتين :
1-    إذا لم يكن العيب وقت العقد ظاهرا ولا يمكن للمستأجر تبينه لو أنه فحص العين المؤجرة بعناية الرجل العادي .
2-    إذا كان المستأجر بعد أن أثبت المؤجر أن العيب كان يستطاع تبينه بالفحص المعتاد ، أثبت من جهته أحد الأمرين : إما أن المؤجر قد أكّد له خلوّ العين المؤجرة من العيب ، وإما أن المؤجر قد تعمّد إخفاء هذا العيب غشا منه .
3-يجب أن يكون العيب غير معلوم للمستأجر :
حتى ولو كان العيب خفيا على النحو السابق فإنه لا يكون عيبا موجبا للضمان إذا ثبت أن المستأجر كان يعلمه بالفعل وقت التعاقد على العين المؤجرة بالرغم من إخفائه ، وما دام العيب خفيا فالمفروض أن المشتري لا يعلم به ، فإذا أراد البائع التخلّص من الضمان فعليه هو عبء إثبات أن المستأجر كان يعلم به وقت التعاقد وذلك عن طريق إخطاره من المؤجر أو العلم بالعيب .
2- ما يترتب على قيام هذا الضمان :
تنص المادة 489 ق.م.ج على أنه : (( إذا وجد بالعين المؤجرة عيب يتحقق معه الضمان، يجوز للمستأجر حسب الحالة أن يطلب فسخ عقد الإيجار أو إنقاص بدل الإيجار،  وله كذلك أن يطلب إصلاح العيب أو أن يقوم هو بإصلاحه على نفقة المؤجر إذا كان الإصلاح لا يشكل نفقة باهظة على المؤجر ،.
فإذا لحق المستأجر ضرر من العيب التزم المؤجر بتعويضه ما لم يثبت أنه كان يجهل وجود العيب )) .
وتنص المادة 490 ق.م.ج : (( يبطل كل اتفاق يتضمن الإعفاء أو التحديد من الضمان بسبب التعرض القانوني.
ويبطل كل اتفاق يتضمن الإعفاء أو التخفيف من ضمان العيوب إذا أخفاها المؤجر غشا )) .

  2-التزامات المستأجر :
يلتزم المستأجر الذي يصبح بمقتضى عقد الإيجار الحائز الشرعي للعين المؤجرة بما يلي :
1-    الوفاء بسعر الإيجار في الآجال المتفق عليها ( م 498 ق.م.ج ) .
2-    استعمال العين المؤجرة حسب ما اتفق عليه ( م 491 ق.م.ج ) .
3-    الاعتناء بالعين المؤجرة ( م 495 ق.م.ج ) .
4-    تسليم العين المؤجرة للمؤجّر عند نهاية مدة الإيجار ( م 502 ق.م.ج ) .

1-الوفاء بسعر الأجرة :
يلتزم المستأجر بدفع الأجرة للمؤجر في مواعيدها ، وإذا لم يقم بهذا الالتزام فللمؤجر أن يلزمه القيام به طبقا للقواعد العامة ، ولكن المؤجر كدائن للمستأجر بالأجرة لا يقتصر على ما تقدم ، إذ حقه ممتاز ويجعل لتنفيذه طرقا أخرى فوق الطرق المبينة على القواعد العامة .
لذا سوف نبحث هذا الالتزام من شقين :
أ‌-       التزام المستأجر بدفع الأجرة .
ب‌-  الضمانات القانونية للمؤجر لتنفيذ هذا الالتزام .
أ-التزام المستأجر بدفع الأجرة :
المدين بالأجرة هو المستأجر وهو الذي يقوم بدفع الأجرة ، فإذا مات التزم ورثته بها في حدود التركة لأن الإيجار لا ينتقل إلى الورثة حسب المادة 469 مكرر 2 ق.م.ج ، إلا أنه في حالة وفاة المستأجر ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك يستمر العقد إلى انتهاء مدته ، والورثة يلتزمون بدفع الأجرة بموجل عقد الإيجار ، فلا تضامن بينهم لأن الالتزام عقدي ، وتنقسم الأجرة عليهم كل بقدر نصيبه في الميراث لكن يلاحظ أن دفع الأجرة المتأخرة التي حلّت قبل موت المستأجر تلتزم به التركة نفسها ولا ينقسم على الورثة .
·        ميعاد دفع الأجرة ومكانها :
تنص المادة 498 ق.م.ج المعدّلة : (( يجب على المستأجر أن يقوم بدفع بدل الإيجار في المواعيد المتفق عليها، فإذا لم يكن هناك اتفاق وجب الوفاء ببدل الإيجار في المواعيد المعمول بها في الجهة ،
ويكون دفع بدل الإيجار في موطن المستأجر ما لم يكن اتفاق أو عرف يقضي بخلاف ذلك )) .
نخلص من هذا النص أن المستأجر يلتزم بدفع الأجرة في المواعيد المشترطة ويغلب أن ينص عقد الإيجار على مواعيد دفع الأجرة فتلتزم هذه المواعيد ، ويصح أن ينص العقد على تعجيل الأجرة بأكملها أو على تأجيلها أو على تقسيطها إلى أقساط تؤدى في أوقات معينة وهذا هو الغالب ، فإذا اشترط تعجيل الأجرة لزم المستأجر بدفعها وقت العقد ، وللمؤجر أن يحبس العين المؤجرة حتى يستوفي الأجرة ولذا اشترط تأجيل الأجرة وتقسيطها لم تلزم الأجرة أو الأقساط المتفق عليها إلا عند حلول الأجل .
ب-ضمانات المؤجر :
إذا لم يقم المستأجر بالتزامه بدفع الأجرة على الوجه الذي بينّاه فإن تطبيق القواعد العامة يقتضي أن يكون للمؤجر بعد إعذار المستأجر الحق في المطالبة بالتنفيذ العيني أو بفسخ الإيجار ، وسواء طلب هذا أو ذاك فإن المطالبة أيضا بالتعويض عما أصابه من الضرر بسبب عدم قيام المستأجر بالتزامه .
ولمؤجّر العقار ضمانات خاصة انفرد بها عن سائر الدائنين وهذه الضمانات هي ما نصت عليه المادتين 500 و 501 ق.م.ج من حيث أنه يمكن للأطراف الاتفاق على كفالة لضمان الوفاء ببدل الإيجار والتكاليف ( م500 ق.م)
كما يحق للمؤجر ضمانا لحقوقه الناشئة عن الإيجار أن يحبس جميع المنقولات القابلة للحجر الموجودة في العين المؤجرة مادامت مثقلة بامتياز المؤجر ولو لم تكن مملوكة للمستأجر ، ويجوز للمؤجر أن يعترض على نقلها وإذا انتقلت رغم اعتراضه أو دون علمه جاز له استردادها من الحائز ولو كان حسن النية ولهذا الأخير المطالبة بحقوقه ، ولا يجوز المؤجر استعمال حقه في الحبس أو الاسترداد إذا كان نقل هذه المنقولات تقتضيه حرفة
المستأجر ، أو تقتضيه شؤون الحياة العادية أو كانت المنقولات التي أبقيت في العين المؤجرة أو التي طلب استردادها تفي ببدل الإيجار ( م 501 ق.م.ج ) .
2-استعمال العين بحسب الاتفاق :
 يلتزم المستأجر بأن يستعمل العين فيما اتفقا عليه الطرفين في العقد وألا يحدث بها تغييرات ضارة ، فنتكلم عن هاتين المسألتين :
أ-كيفية استعمال العين المؤجرة :
تنص المادة 491 ق.م.ج : (( يلتزم المستأجر بأن يستعمل العين المؤجرة حسبما وقع الاتفاق عليه، فإن لم يكن هناك اتفاق وجب على المستأجر أن يستعمل العين المؤجرة بحسب ما أعدت له )) .
1-استعمال العين إذا كان الاستعمال مبينا في العقد :
قد يكون استعمال العين مبينا في العقد ، كأن ينص صراحة على أن المنزل قد أجر للسكنى أو أن الأرض للزراعة أو لتشييد مصنع عليها ، أو أن العين قد أجّرت لتستعمل مقهى أو مطعما ، ففي هذه الحالة يجب إتباع نص العقد .
وإذا عين نوع التجارة التي تباشر في العين المؤجرة فلا يجوز مباشرة تجارة غيرها ولا يكفي أن تبين مهنة المستأجر في العقد حتى يفهم من ذلك أن العين المؤجرة لا يصح استعمالها في غير هذه المهنة ، وإنما يكون هذا مجرد قرينة على ذلك يصح إثبات عكسها .
2-استعمال العين إذا كان الاستعمال غير مبين في العقد :
أما إذا كان الاستعمال غير مبين في العقد ، التزم المستأجر أن يستعمل العين بحسب ما أعدّت له ،  والظروف وقرائن الأحوال هي التي تدل على كيفية الاستعمال ، ويرجع في ذلك إلى مهنة المستأجر لا سيما إذا بينت في العقد والى ما كان الشيء مستعملا فيه من قبل ، والى كيفية إعداد العين المؤجرة فقد تدل طريقة إعدادها على أنها تستعمل لغرض خاص كمقهى أو مسرح أو مخبز ، وإلى ما نشر عنه من الإعلانات قبل الإيجار والى غير ذلك من القرائن التي تدل على النية المحتملة للمتعاقدين ، وقاضي الموضوع هو الذي يبث في تحديد الغرض الذي أعدت له العين المؤجرة .
3-جزاء الإخلال بالالتزام :
إذا أخل المستأجر بالتزامه من استعمال العين المؤجرة بحسب الاتفاق فللمؤجر طبقا للقواعد العامة أن يطالب المستأجر بتنفيذ هذا الالتزام عينا مع التعويض وإلا الفسخ والتعويض لعدم قيام المستأجر بتنفيذ التزاماته .
ب-إحداث المستأجر لتغييرات في العين المؤجرة :
تنص المادة 492 ق.م.ج على أنه : (( لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة أي تغيير بدون إذن مكتوب من المؤجر ،
إذا أحدث المستأجر تغييرا في العين المؤجرة يلزم بإرجاعها إلى الحالة التي كانت عليها ويعوض الضرر عند الاقتضاء ،
وإذا أحدث المستأجر ، بإذن المؤجر ، تغييرات في العين المؤجرة زادت في قيمتها ، وجب على المؤجر عند انتهاء الإيجار ، أن يرد للمستأجر المصاريف التي أنفقها أو قيمة ما زاد في العين المؤجرة ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بخلاف ذلك  )) .
ونخلص من النص المتقدم الذكر أن المستأجر يلتزم بألا يحدث تغييرا ضارا في العين المؤجرة بدون إذن المالك.
والمراد بالتغيير هنا أن يكون تغييرا ماديا ، لا مجرد تغيير استعمال العين فقد سبق بيان الحكم في ذلك ، فإذا فتح المستأجر في المكان المؤجر نوافذ جديدة أو سد نوافذ موجودة ، أو هدم سور المنزل فإنه يكون مخلا بالتزامه إذا ترتب على هذا التغيير ضرر للعين المؤجرة  وكان التغيير دون إذنه .
أما إذا لم يترتب على التغيير المادي ضرر لمؤجر ، فإن للمستأجر أن يحدثه ولو بغير إذن المؤجر ، بشرط أن يعيدها  إلى أصلها عند نهاية الإيجار إذا طلب منه المؤجر ذلك مثل : إقامة حاجز خشبي ليقسم قاعة كبيرة ،
وإذا كان التغيير ضارا لم يجر للمستأجر إجراؤه ومع ذلك يجوز للمستأجر إجراء أي تغيير ولو كان ضارا إذا حصل في ذلك على إذن من المؤجر ، وقد يكون الإذن صريحا ، كما إذا كان هناك شرط يقضي بأن التغييرات التي يحدثها المستأجر في العين تكون للمؤجر عند انتهاء الإيجار ، وقد يكون الإذن ضمنيا كما إذا أجر شخص منزلا لآخر وأذن له في إيجاره من الباطن غرفا مفروشة فإن هذا يعتبر إذنا ضمنيا للمستأجر في إدخال التعديلات اللازمة للتمكن من تحقيق هذا الغرض .
3-الاعتناء بالعين المؤجرة :
يلتزم المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة أثناء مدة الإيجار ، وبأن يبذل من العناية في ذلك ما يبذل الرجل المعتاد ، وتستند مسؤوليته إذا احترقت العين المؤجّرة ، فلهذه المسؤولية أحكام خاصة تميزها عن مسؤولية المستأجر في غير الحريق ، فنبحث إذن مسألتين :
أ‌-       العناية الواجب على المستأجر بذلك في المحافظة على العين المؤجرة .
ب‌-  مسؤولية المستأجر عن حريق العين المؤجرة .

أ- العناية الواجب على المستأجر بذلك في المحافظة على العين المؤجرة :
·        مسؤولية المستأجر عن سلامة العين المؤجرة والتزامه بإجراء الترميمات التأجيرية :
والعناية الواجبة على المستأجر في المحافظة على العين المؤجرة تقتضي أن يكون مسؤولا عن سلامة العين تجاه المؤجر ، ويتفرع على ذلك أن يلتزم المستأجر بإجراء الترميمات التأجيرية التي يقضي بها العرف ، فهي تدخل في العناية الواجب بذلك في استعمال العين المؤجرة ، فنبحث كلا من هذين النوعين :
أ-مسؤولية المستأجر عن سلامة العين المؤجرة :
تنص المادة 495 ق.م.ج على أنه : (( يجب على المستأجر أن يعتني بالعين المؤجرة وأن يحافظ عليها مثلما يبذله الرجل العادي.
وهو مسؤول عما يلحق العين أثناء انتفاعه بها من فساد أو هلاك غير ناشئ عن استعمالها استعمالا عاديا )) .
ونخلص من هذا النص أنه يجب على المستأجر بذل عناية الشخص المعتاد ، فالمعيار هنا موضوعي ، والمطلوب من المستأجر هو عناية الرجل المعتاد لا عنايته هو في شؤون نفسه ، والتزامه هذا  هو التزام ببذل عناية لا التزام بتحقيق نتيجة ، ومن ثمة يكون قد وفى التزامه متى بذل العناية المطلوبة منه ولو لم يتحقق الغرض المقصود من هذه العناية وهو سلامة العين المؤجرة ، فقد تتلف أو تهلك فلا يكون مسؤولا عن التلف أو الهلاك إذا بذل في المحافظة عليها عناية الرجل المعتاد
ومن أهم ما يلتزم به المستأجر في سبيل العناية والمحافظة على العين المؤجرة إخطار المؤجر بكل أمر يستوجب تدخله وتنص المادة 497 قم.ج على أنه : (( يجب على المستأجر أن يخبر فورا المؤجر بكل أمر يستوجب تدخله كأن تحتاج العين المؤجرة إلى ترميمات مستعجلة أو يظهر عيب فيها أو يقع اغتصاب عليها، أو يتعدى الغير بالتعرض، أو الإضرار بها )) .
إذن فالمستأجر يلتزم بإخطار المؤجر بكل أمر من شأنه أن يهدد سلامة العين أو يصيبها بضرر ، ويشترط في ذلك أمران :
1-    أن تكون العين في حفظ المستأجر بحيث لا يستطيع المؤجر أن يعلم بالخطر الذي يتهدد العين .
2-    أن يعلم المستأجر أو يستطيع أن يعلم بهذا الخطر .
ولا يلتزم المستأجر بعناية الشخص المعتاد في المحافظة على العين فحسب بل أيضا يلتزم بهذه العناية ذاتها في استعمال العين ، فيجب على المستأجر أن يستعمل العين استعمالا مألوفا فإذا استعملها استعمالا غير مألوف ونشأ عن ذلك هلاك العين أو تلفها أو إصابتها بأي ضرر كان مسؤولا عن تعويض المؤجر .
فالمستأجر لدار يجب عليه في سكناه للداّر أن يحتاط فلا يفعل شيئا من شأنه أن يوهن حوائط الغرف أو الأسقف أو الأبواب أو يحتفظ في الدار بامرأة ذات سمعة سيئة أو بحيوانات يكون المؤجر قد اشترط عليه ألا يدخلها الداّر
أو حفلات صاخبة تجاوز المألوف .
ب-قيام المستأجر بالترميمات التأجيرية :
تنص المادة 494 ق.م.ج على أنه : (( يلتزم المستأجر بالقيام بالترميمات الخاصة بالإيجار والجاري بها العمل ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك )) .
المراد بالترميمات التأجيرية الترميمات البسيطة التي يقتضيها استعمال العين المؤجرة استعمالا مألوفا ، ويرجع في تحديد هذه الترميمات إلى العرف كما يقضي صريح نص المادة 494 ق.م.ج سالفة الذكر ، فإذا لم يوجد عرف عدّت الترميمات تأجيرية إذا كانت الضرورة إليها تنشأ من استعمال العين الاستعمال المألوف ، وإذا قام شك هل تعدّ الترميمات تأجيرية أو ضرورية ؟ فإن هذا الشك يفسّر لمصلحة المستأجر لأن الأصل هو أن يقوم المؤجر بالترميمات فيما عدا الترميمات التأجيرية البسيطة ، فتكون الترميمات التأجيرية استثناء ، والاستثناء لا يتوسع فيه .
ويعدّ من الترميمات التأجيرية إصلاح النوافذ والأبواب والأقفال والمفاتيح ، الكهرباء والغاز ، وإذا كانت العين المؤجرة سيارة فترميماتها التأجيرية هي الترميمات اللازمة لأبواب السيارة ومقاعدها وعجلاتها وأجهزتها الميكانيكية والكهربائية .
 طبعا الترميمات اللازمة لشيء مما تقدم إذا كانت كبيرة فإنها نكون على المؤجر إلا إذا أثبت أنها حصلت بخطأ من المستأجر أو أحد تابعيه .
ب- مسؤولية المستأجر عن حريق العين المؤجرة :
تنص المادة 496 ق.م.ج على أنه : (( المستأجر مسؤول عن حريق العين المؤجرة إلا إذا أثبت أن الحريق نشأ عن سبب ليس من فعله ،
فإذا تعدد المستأجرون لعقار واحد كان كل واحد منهم مسؤولا عن الحريق بالنسبة للجزء الذي يشغله بما فيهم المؤجر إن كان يسكن العقار إلا إذا ثبت أن الحريق بدأ نشوبه في الجزء الذي يشغله أحد المستأجرين فيكون وحده مسؤولا عن الحريق )) .
-لقد جعلت المادة مسؤولية المستأجر عن هلاك العين بسبب الحريق أشد من مسؤوليته عن هلاكها بسبب آخر وذلك نظرا لخطورة الحريق فهو إذا عدّت أسباب هلاك العين يعدّ أخطرها سببا .
وإذا قامت مسؤولية المستأجر ، بأن كان هذا لم يستطع إثبات السبب الأجنبي كان عليه أن يعوّض المؤجر عن الأضرار التي أصابته بسبب الحريق ولما كانت المسؤولية عقدية فإنه لا يعوض إلا الأضرار المتوقعة الحصول وقت التعاقد .
فيجب أن يدفع للمؤجر نفقات إعادة العين إلى أصلها وتقدر النفقات وقت النطق بالحكم لا وقت حصول الحريق ، حتى لا يتحمّل المؤجر ارتفاع الأسعار ما بين الوقتين ولا يستفيد من نزلها ، ويدفع المستأجر أيضا الأجرة عن المدة التي فاتت على المؤجر في المدة اللازمة لإعادة العين إلى أصلها .
4-تسليم العين المؤجرة للمؤجر عند نهاية مدة العقد :
يلتزم المستأجر برد العين المؤجرة للمؤجر عند نهاية العقد بموجب النصوص التالية :
المادة 502 ق.م.ج تنص : (( يجب على المستأجر أن يرد العين المؤجرة عند انتهاء مدة الإيجار فإذا أبقاها تحت يده دون حق وجب عليه أن يدفع للمؤجر تعويضا باعتبار القيمة الايجارية للعين و باعتبار ما لحق المؤجر من ضرر )) .
المادة 503 ق.م تعديل 13/05/2007 : (( يجب على المستأجر أن يرد العين المؤجرة بالحالة التي كانت عليها وقت تسلّمها ، ويحرر وجاهيا محضر أو بيان وصفي بذلك ،
إذا تم رد العين المؤجرة دون تحرير محضر أو دون بيان وصفها يفترض في المؤجر أنه استردها في حالة حسنة ما لم يثبت العكس ،
المستأجر مسؤول عما يلحق العين المؤجرة من هلاك أو تلف ما لم يثبت أنه لا ينسب إليه )) .
نخلص من ذلك أن المستأجر ملزم برد العين المؤجرة بالحالة التي تسلّمها عليها ، فإن اختلفت حالتها وقت الرد عن حالتها وقت التسلم ، اعتبر المستأجر مخلا بالتزامه إذا لم يعد العين إلى حالتها وقت التسلّم ، فيجب إذا أن نعرف حالة العين وقت التسلم حتى تكون هذه الحالة هي الحالة التي يجب رد العين عليها وقد تكلمنا عن ذلك في التزام المؤجر بالتسليم وقلنا أن المادة 476 المعدلة بموجب القانون 07-05 قد اشترطت معاينة الأماكن وجاهيا بموجب محضر أو بيان وصفي يلحق بعقد الإيجار وفي حالة عدم تحريره يفترض في المستأجر أنه تسلمها في حالة حسنة ما لم يثبت العكس ، ومن ثم تعرف حالة العين بالمقارنة بين حالة العين وقت الرد وحالتها وقت التسلم عن طريق المحضر أو البيان الوصفي ، أما إذا لم يوجد محضر تسليم أو بيان بأوصاف العين ، افترض ، حتى يقوم الدليل على العكس ، أن المستأجر قد تسلم العين في حالة حسنة ، فالمشرع إذا قد وضع بهذا النص قرينة قانونية تقضي بأن المستأجر قد تسلم العين بحالة حسنة ، ويبرر وضع هذه القرينة ما سبق أن قررناه من أن المؤجر يلتزم أن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من منفعة وفقا لما تم عليه الاتفاق أو لطبيعة العين .
فإذا كان المستأجر قد تسلّم العين في حالة دون هذه الحالة فقد كان من السهل عليه أن يثبت حالة العين وقت تسلمها في محضر التسليم أو في بيان وصفي ، أما إن لم يفعل فإن هذه قرينة معقولة تدل على أن تسلم العين في حالة حسنة ، ويترتب على ذلك أن المستأجر يلتزم برد العين في حالة حسنة ، ما دام قد تسلّمها في هذه الحالة بموجب القرينة القانونية السالفة الذكر .
على أن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس كما هو صريح النص ، فيجوز للمستأجر أن يثبت بالرغم من أنه لا يوجد محضر تسليم أو بيان وصفي أن العين وقت أن تسلّمها لم تكن في حالة حسنة وأنه رضي بحالتها كما هي وأن حالة العين وهو يردها مطابقة للحالة التي تسلّمها عليها ، ويستطيع أن يثبت ذلك بجميع طرق الإثبات ويدخل في ذلك البينة والقرائن لأن الإثبات يتعلق بواقعة مادية .
وإذا تمكن المستأجر من إثبات أنه يرد العين بالحالة التي تسلّمها عليها ، إما عن طريق محضر التسليم أو عن طريق بيان وصفي وقت أن تسلمها أو عن أي طريق آخر من طرق الإثبات على الوجه الذي بسّطناه فيما تقدّم
فإنه يكون قد وفي بالتزامه ولا تترتب أية مسؤولية في ذمته ، أما إذا تبين أن حالة العين وقت الرد قد تغيرت عما كانت عليه وقت التسلم ، فإن هذا التغيير إما أن يكون بسبب الهلاك أو التلف وإما يكون بسبب آخر غير الهلاك أو التلف .
1-تغيير حالة العين بسبب الهلاك أو التلف :
هناك نص آخر يتعلق بهذه الحالة تكلّمنا عنه سابقا ، فقد رأينا أن المادة 495 ق.م.ج على ما يأتي : (( وهو مسؤول عما يلحق العين أثناء انتفاعه بها من فساد أو هلاك غير ناشئ عن استعمالها استعمالا عاديا )) .
وسبق أن قررنا أن التزام المستأجر في حالة الهلاك أو التلف هو التزام ببذل عناية لا التزام بتحقيق غاية ، ويكفي المستأجر من التخلص من المسؤولية في هذه الحالة أن يثبت أنه قد بذل عناية الشخص المعتاد في المحافظة على العين من الهلاك أو التلف ، فإذا أثبت ذلك يكون قد أثبت أنه نفذ التزامه فلا يكون مسؤولا عما أصاب العين من هلاك أو تلف ، لكن الفقرة الثالثة من المادة 503 تعديل قانون 07-05 ق.م.ج كما رأينا :
(( المستأجر مسؤول عما يلحق العين المؤجرة من هلاك أو تلف ما لم يثبت أنه لا ينسب إليه )) ، ويوهم هذا النص أن المستأجر مسؤول عن الهلاك أو التلف ولا يستطيع التخلص من المسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي ، ولكن القول بذلك يجعل هناك تعارض واضح بين المادة 495 و 503 ، لكن عبد الرزاق أحمد السنهوري في كتابه الإيجار من سلسلة الوسيط في شرح القانون المدني الجديد بيّن بأنه لا يتعارض بين النصين وأن المادة 503 لم تنحرف عن الحكم الوارد في المادة 495 ، ولا يزال المستأجر يستطيع التخلص من المسؤولية عن الهلاك أو التلف إذا أثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد وإنما أرادت المادة 503 ق.م.ج أن تزيد سببا آخر لتخلّص المستأجر من المسؤولية وهو أن يثبت أن الهلاك أو التلف يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه ، وليس في هذا إلا تطبيقا للقواعد العامة فإنه إذا لم يستطع المستأجر إثبات أنه بذل عناية الشخص المعتاد أو ألا خطأ في
جانبه أو أثبت المؤجر أن المستأجر لم يبذل عناية الشخص المعتاد بل قصّر في اتخاذ الاحتياطات المعتادة ، بقي للمستأجر طريق آخر للتخلص من المسؤولية ، وذلك بأن يثبت بأنه بالرغم من عدم بذله عناية الشخص المعتاد ، فإن هلاك العين أو تلفها يرجع إلى سبب أجنبي .
ونخلص من ذلك أن التزام المستأجر بالمحافظة على العين من الهلاك أو التلف هو التزام ببذل عناية لا التزام بتحقيق غاية ، ويستطيع بذلك أن يكون التزامه برد العين خالية من الهلاك أو التلف هو أيضا التزام ببذل عناية لا التزام بتحقيق غاية .

الاسمبريد إلكترونيرسالة